كل طرف عند الإصابة، فلو كان مقتضى الاستصحاب حرمة أحد الإناءين، كيف يجرون أصالة البراءة والحل في الطرف الآخر، مع أنه كان لو أصاب لاستحق العقوبة؟!
وليس هذا أسوأ حالا مما إذا تلف أحد الإناءين، فإنهم يحتاطون في الطرف الآخر (1)، ناظرين إلى أنه سيبقى أثر العلم وتنجيزه في الطرف ولو لم يكن علم، فلا تجري قاعدة الترخيص والتوسعة.
وجوه الترخيص في بعض الأطراف دون بعض ولأجل ذلك ربما يتشبث بوجوه من التقريب المذكور على غير نظام صحيح في كتب القوم:
فمنها: وهو يقتضي جواز إجراء الأصل في الطرف الآخر على الإطلاق، إذا كان في الطرف أصل موافق للاحتياط، أو أمارة تقتضي حرمة الإناء المعين، إذا لم يكن لازمها حلية الإناء الآخر، وإلا فلا حاجة إلى الأصل الآخر.
وهو أن ما هو الموجب للاحتياط، هو احتمال التكليف، وفي أطراف العلم الاجمالي، لا يزيد العلم شيئا على ما يقتضي الاحتمال المذكور الموجود طبعا أيضا في كل طرف، وإنما في الشبهات البدوية يكون المؤمن من العقاب، موجودا عقلا وشرعا، وفي أطراف العلم الاجمالي يتعارض المؤمنان والمعذران من العقاب، للضرورة القطعية على صحة العقوبة على الاقتحام في الطرفين، فخاصة العلم الاجمالي هي تلك، دون الاحتياط والتنجيز، فإذا كان في أحد الطرفين أمارة أو أصل موافق للمعلوم بالإجمال، ومثبت للتكليف، فالأصل الآخر المؤمن جار بلا معارض، فاغتنم.