الجهة الثانية: حول تمامية كبرى قاعدة قبح العقاب بلا بيان قد اشتهر بين أبناء التحصيل قاعدة قبح العقاب بلا بيان بشكل كبرى قطعية، ولا قيد لها من جانب العقل (1)، والمشهور عندهم تماميتها في الشبهات الحكمية والموضوعية (2).
وقد خالفهم في الأولى سيدنا الأستاذ الداماد (رحمه الله) صهر العلامة الحائري (قدس سرهما) قائلا: " إن ذلك في موارد تمكن المولى من البيان، وأما في مورد عدم تمكنه منه - كموارد التقية مثلا - فلا تجري القاعدة " ولازم ما ذكره عدم تمامية الحجة العقلية على البراءة، لاحتمال كون الحكم المشتبه، مزاحما بأرباب السلطة الجائرة لعنهم الله تعالى.
وبعبارة أخرى: أصل قبح العقاب بلا بيان، ليس على إطلاقه أصلا صحيحا لا فيما نحن فيه، ولا في المسائل العقلائية، بعد احتمال كون عدم وصول البيان، لأجل عدم تمكين الأعداء من الإظهار، وأما في موارد عجز المولى عن البيان فلا، وهذا فيما بين أيدينا غير متصور، لأن المولى غير عاجز ذاتا، وإنما يعجزه الجهات العارضة، وعلى هذا لا أقل من التردد في حكم العقلاء، وعلى هذا لا تتم البراءة العقلائية على ما فصلناه، ولا تتم صغرى البراءة العقلية، لأنه ما دام لم يثبت قبحه لا يثبت امتناع صدوره، فيلزم الإشكال على البراءتين: العقلائية، والعقلية، وذلك لأنه نحتاج في إثبات امتناع الصدور إلى إثبات القبح، كما هو الواضح.