الاستدلال بالعقل خاتمة الكلام: في تحرير الدليل العقلي على البراءة في الشبهات كلها، والبحث حوله يقع في جهات:
الجهة الأولى: في انقسام البراءة إلى شرعية وعقلية وعقلائية قد اشتهر تقسيم الأصوليين للبراءة إلى الشرعية، والعقلية.
والحق: أنها على ثلاثة: شرعية، وعقلائية، وعقلية:
أما البراءة الشرعية، فهي ما يدل من الأدلة اللفظية على حلية المشكوك، وإباحة الشبهة، والمخالف في هذه المسألة جماعة من الأخباريين، حيث ذهبوا إلى الاحتياط في التحريمية (1). وعن بعضهم القول به حتى في الإيجابية (2).
وأما البراءة العقلائية، فهي ما يدل عليها حكم العقلاء بقبح المؤاخذة بلا بيان، والعقاب على المخالفة بلا برهان، وهذا حكم يستوي فيه جميع العقلاء بالنسبة إلى جميع الموالي، والظاهر أنه لا مخالف فيه حتى الأخباريين، إلا أنهم يعتقدون بتمامية البيان في الشبهات التحريمية، وبأن العقاب ليس بلا برهان بعد قيام الأدلة اللفظية.
وغير خفي: أن الأشعري أيضا يلتزم بالحسن والقبح العقلائيين، ويعتقد بعدم عقلائية العقاب المذكور (3).
وأما البراءة العقلية، فهي مفاد حكم العقل ودرك العاقلة وامتناع صدور