شيئا، لذهاب بعضهم إلى الاحتياط في الوجوبية أيضا، فلا يلزم الخروج، فلا بد من حل المشكلة على وجه يقنع الأصولي والأخباري كما لا يخفى، فلا تخلط.
حول استلزام أدلة الاحتياط للدور بقي الدور في المسألة، وقد أشير إليه سابقا (1)، إلا أن لتوضيح المرام لا بأس به: وهو أن حجية سائر الطرق والأوامر الطريقية، معناها أنه إذا قام الخبر الواحد على وجوب صلاة الجمعة، تكون حجة المولى تامة عند الإصابة، بمقتضى أدلة حجية خبر الواحد.
وفيما نحن فيه، يكون مفاد أدلة الاحتياط وجوب الاحتياط، فإن كان الالتزام بالوجوب النفسي ممكنا، كان إيجابه فيما نحن فيه مما لا بأس به، ولكنك تعلم أنها أوامر ظاهرة في الطريقية، فكيف يعقل تنجيز الواقع بنفس تلك الأوامر، مع أنها ناظرة إلى نفس الاحتياط، لا إلى الشئ الآخر القائم الخبر الحجة عليه، كما في المثال المذكور؟! فلا تنجز للواقع في مورد قيام خبر الواحد عليه، إلا لأجل قيام حجية الخبر الواحد، وفيما نحن فيه نريد إثبات تنجز الواقع بنفس تلك الأخبار، فلا بد أولا من تنجزه حتى يتنجز به، وهو دور واضح. وهذا التقريب أحسن مما في كلام العلامة الأراكي (قدس سره) (2).
وبعبارة أخرى: بعد وصول خبر الواحد إلينا القائم على وجوب صلاة الجمعة، يتنجز الواقع به، لأجل الأوامر الطريقية، وفي مورد الاحتياط لم يصل الخبر بالنسبة إلى الواقع، ولا يكفي مجرد الواقع، ولا الخبر غير الواصل تنجزه بالضرورة، فكيف يمكن تنجيز الواقع بنفس تلك الأوامر الطريقية؟!