المسألة الأولى: في وجوب الاحتياط في جميع صور الاضطرار لأحد دعوى: أن الاضطرار لا يورث قصورا في العلم على الإطلاق، ولا يمنع عن تنجيزه، وذلك لأن الأدلة الشرعية المتكفلة له، ليست قابلة للاعتماد عليها على إطلاقها، سواء كانت من قبيل ما ورد في أدلة التقية (1)، أو في حديث الرفع وغيره (2)، لقوله تعالى: * (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه) * (3).
وقوله تعالى: * (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) * (4) وغير ذلك.
فعليه يكون الاضطرار العقلي وما يعد عذرا عقلا، موضوعا في الأدلة الشرعية، وعندئذ لا يكون إلا إرشادا إليه، ولا يزيد على ما يحكم به العقلاء، وما كان شأنه ذلك لا يمكن أن يكون تقييدا لأدلة الأحكام الأولية.
فالعلم الاجمالي بالتكليف الفعلي على كل تقدير موجود، والاضطرار إلى المعين - ولو كان قبل العلم - لا يمنع عن التكليف الواقعي الفعلي قطعا، لإمكان الجمع بينهما، كما جمعناه بين الأحكام الظاهرية والواقعية (5). بل الأمر هنا أسهل، وتكون الأدلة فيما نحن فيه إمضاء لحكم العقلاء بعذرية الاضطرار، كما لا تمضي الآيات الشريفة الاضطرار الآتي بسوء الاختيار موافقا لفهم العرف والعقلاء والعقل.