وبالجملة: هذا القسم قطعا على ما سلكناه في باب التزاحم (1)، خارج عن مسائل دوران الأمر بين التعيين والتخيير، وأما جريان الاحتياط المسلم عندهم هنا.
فهو قابل للمناقشة كما عرفت.
بقيت صورة دوران الأمر في هذا القسم بين كون الدوران من طرف واحد، أو من طرفين، وقد عرفت ذلك، ولو كان هذا القسم من صغرياته فالنتيجة هي التخيير، لعدم القدرة إلا على الواحد فرضا.
القسم الثالث:
ما لو دار الأمر بين التعيين والتخيير، وكان الأمر المردد من الأوامر الإرشادية إلى حدود المأمور به وقيوده.
وهذا مثل دوران أمر المسافر إلى بلدة الكوفة، وكربلاء، والمدينة، ومكة المكرمة على مشرفها السلام، فإنه يدور أمره بين تعين القصر، أو التخيير بين التمام والقصر، بعد عدم كون الأمر بالإتمام والتقصير أمرا تكليفيا نفسيا بالضرورة، بل هو أمر إرشادي إلى حد المأمور به في السفر والحضر، وأن الأمر التخييري في أماكنه، ليس إلا إرشادا إلى جواز القصر أو الإتمام، من غير كونه واجبا على حدة حتى يعاقب على ترك الوجوب التخييري، بل العقاب مترتب عند تركهما على ترك الظهر والعصر والعشاء.
فهل في هذا القسم يتعين القصر، أو يتخير بينه وبين التمام، حسب القواعد العقلية والبراءة الشرعية؟
مع قطع النظر عن الاستصحاب الحكمي والموضوعي، فإنه قد مر إمكان