التنبيه الرابع حول حسن الاحتياط عقلا قد اشتهر حسن الاحتياط عقلا (1)، وغير خفي أن الاحتياط المنتهي إلى الوسواس، ليس مستحسنا، فالمراد من أن الاحتياط حسن، هو الاحتياط مع قطع النظر عن بعض تبعات مترتبة عليه أحيانا، كالعسر والحرج، والضرر، وأشباه ذلك.
وربما يشكل الأمر من جهة أن مفهوم " الاحتياط " هل ينتزع عن قصد ذهني، ولا يرتبط بالخارج، أم يعد من الانتزاعيات عن عمل خارجي؟ لا سبيل إلى الأول، فإن في فعل العبادة الكذائية أو الأمر التوصلي، احتياطا عمليا، فيكون في موارد احتمال الأمر والإخلال بالواجب، احتياط بإتيان العمل الخارجي، وأما الاحتياط في النية فغير معقول، لأنه أمر خارج عن الاختيار حسب العادة.
فعلى هذا، كيف يعقل الاحتياط في ناحية احتمال النهي والمبغوضية، فإن الترك عدم مطلق، فكيف ينتزع هناك مفهوم " الاحتياط "؟! والضرورة قاضية بامتناع أخذ عنوان وجودي من العدم الصرف الذي لا واقعية له بتاتا.
فإذا ترك مشتبه الخمر يعبر عنه ب " أنه احتاط " وهل هذا المفهوم يحكي عن حيثية وجودية، أو عدمية؟ لا سبيل إلى الثاني، ولا إلى الأول، ولا إلى الثالث: وهو أن مفهوم " الاحتياط " كمفهوم " العدم " يحكي عن العدمية في الخارج وعن السلب، فإن هذا المفهوم وجودي مشترك مع ما يستعمل في ناحية الاحتياط في الإتيان