المقام الثاني: حول مقتضى الأصل ذهب الشيخ وجماعة إلى عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي ولو كان متنجزا بالعلم الأول، أو بالعلم الثاني على تقريب مني، وذلك لأن التنجيز لا ينافي جريان الأصل النافي، إذا لم يكن مخالفة عملية في البين، كما نحن فيه، فإن المعارضة بين الأصول في الأطراف غير معقولة، ضرورة أن الأصل الجاري في الملاقي والملاقى - بالفتح - طولي، والشك في الملاقي - بالكسر - مسبب عن الشك في الملاقي، فعليه تقع المعارضة والتساقط بين الأصلين الجاريين في الطرف والملاقى - بالفتح - فيبقى الأصل في الملاقي سليما وإن كان العلم حادثا، أو كان العلم بعد الملاقاة، أو قلنا بالتنجيز على الوجه الأول الذي مر منا. فمجرد التنجيز العقلي لا يكفي لإيجاب الاحتياط، ولذلك قالوا بالتنجيز في الصورة المذكورة: وهي صورة تأخر العلم عن الملاقاة، ومع ذلك اختاروا جريان الأصل بلا معارض، للاختلاف الرتبي (1).
ومن الغريب توهم عدم كفاية الاختلاف الرتبي في القوانين الشرعية (2)!! مع أن الأصل السببي عندهم مقدم على المسببي اللذين هما في رتبتين، مع وحدة زمانهما في كثير من الأمثلة، فلا يلزم تأخر المسبب زمانا في انطباق القوانين الشرعية، كما هو الواضح.
وبالجملة: يظهر من الشيخ (رحمه الله) وجماعة: أن العلم الاجمالي بالنسبة إلى الملاقي في صورة، والملاقى في صورة، إما غير منجز رأسا، فتجري القواعد الظاهرية الشرعية، أو منجز، ولكن لمكان عدم المعارضة، وعدم لزوم المخالفة