التنبيه الثامن في دوران الأمر بين الوجوب الأولي والثانوي لو دار الأمر بين كون الشئ واجبا بالذات، أو بالعرض، حسبما اصطلحنا عليه في الأصول، أو يعبر عنه: بأنه لو دار الأمر بين كون الشئ واجبا بالوجوب الأولي، أو الثانوي، فهل تجري البراءة، أم يتعين الاحتياط؟
وذلك مثل ما إذا شك في أن صلاة الجمعة واجبة بالذات، وتكون أحد طرفي الواجب التخييري، كسائر الواجبات التخييرية، أو يكون الواجب بالذات والمجعول أولا صلاة الظهر، وإنما تكون صلاة الجمعة مجزية عن صلاة الظهر، فتكون في طول الواجب الأول وعرضيا وثانويا، وإن كان بحسب الصورة عرضية، ومخير بينها وبين الأولى، إلا أنها اعتبرت بدلا عنها ومجزية عنها، وهكذا في مثل الغسل المعتبر بدلا عن الوضوء، أو التيمم المعتبر بدلا في بعض الاحتمالات.
والذي قويناه في تحريراتنا في صلاة الجمعة: أنها صلاة شرعت على فرض كونها في عرض الواجب الآخر، وهي صلاة الظهر، ولكنها شرعت مجزية عنها، وما هو الأصل هي صلاة الظهر (1)، ولذلك عند فقد الشرائط وفي موارد الاستثناء، يكون المجعول الأولي هي صلاة الظهر.
وفي تعابير القوم: " إن الجمعة تجزئ عن الظهر " (2).