حكمه بالتخيير جريان البراءة العقلية في الطرفين والاحتمالين، وامتناع الترجيح بلا مرجح، فراجع.
والذي يظهر لي: أن التخيير كان عقليا هنا، وفي مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير، كان ذلك شرعيا، ولا منع من الشك والتحير في التخيير والتعيين حسب حكم الشرع، دون العقل وإدراكه، لأن العقل ينتهي بالأخرة إلى إدراك لزوم الأخذ بالمعين، أو إدراك التخيير، وليس ذلك لكونه من قبيل تلك المسألة، فالقياس في غير محله، لما لا يتردد العقل في دركه، لأنه إما يدرك التخيير، أو يدرك التعيين من الأول، لعدم حصول المؤمن من العقاب في ناحية خاصة، ولا بد من العلم بالمؤمن منه.
ثالثتها: في ترجح ما لا تجري البراءة فيه خاصة على الآخر يجوز منع جريان البراءة العقلية والشرعية أحيانا في الشبهات البدوية، كما أنه قد عرفت: أن التمسك بإطلاق دليل رفع الاضطرار والاستكراه، غير جائز فما إذا كان المكره عليه من الأمور المهتم بها، كهدم الكعبة، ورد الدين والإسلام، ولا سيما بالنسبة إلى بعض رؤساء الطائفة (1).
فعلى هذا يظهر: أن في موارد الدوران، إن كان أحد الطرفين مما لا تجري فيه البراءة العقلية أو الشرعية، كما لو كانت في الشبهات البدوية، لأجل الأكثرية المقرونة بالأقوائية مثلا وهكذا، فلا بد أن يتعين الطرف الآخر وهو الترك مثلا، وإلا فالبراءتان جاريتان، والأصول النافية باقية على حالها.
ومثله إدراك التخيير، لأن الخروج عن التساوي بمجرد أكثرية الاحتمال، وأقوائية الملاك عند الإصابة، لا يكفي لعدم درك التخيير.