الأمر الثالث: في أقسام دوران الأمر بين محذورين أن أقسام دوران الأمر بين المحذورين كثيرة، وذلك لأنه تارة: يكون في مورد لا يمكن التكرر فيه، وتكون واقعة واحدة، كما إذا تردد في أن صوم يوم الجمعة الأولى من الشهر الكذائي من السنة الكذائية، مورد النذر فعله أو تركه، أو ذبح الشاة الخاصة الجزئية، مورد النذر في اليوم المعين، أم عدم ذبحها، بناء على كون كل واحد من الاحتمالين، قابلا للتصديق، لإمكان كونه مورد الرجحان لجهة من الجهات اللاحقة والعارضة عليه، كما هو الواضح.
وأخرى: يكون في مورد يمكن ذلك في التوصليات والتعبديات.
وإمكان تكرار الواقعة تارة: يكون على وجه التدريج، كما في موارد العلم الاجمالي بوجوب الظهر أو الجمعة.
وأخرى: يكون على وجه الدفع، كما لو علم إجمالا: بأنه إما يجب عليه إكرام كل واحد من زيد وعمرو، أو يحرم عليه، فإنه يمكن له إكرامهما دفعة واحدة، كما يمكن له إكرام أحدهما، وترك إكرام الآخر. وكون ذلك وهكذا مثال الظهر والجمعة، من صغريات هذه المسألة، لأجل مفروضية العلم بعدم جواز الجمع بينهما مثلا، وإلا فيخرج عما هو مورد البحث هنا صلاة الجمعة من الأمثلة، لإمكان فعلها في جمعة، وتركها في أخرى.
وعلى كل تقدير تارة: يكون أحد المحذورين معلوم الأهمية.
وأخرى: محتمل الأهمية.
وثالثة: متساويين.
وغير خفي: أن المراد من " المحذورين " أعم من المحاذير العقلية والشرعية، ففيما إذا علم بأنه إما نذر فعل شئ أو تركه، وإن لم يلزم حرمة الفعل أو الترك