وفيه: أنه لا يزيد على الشبهة البدوية، وما هو به تنحل هناك ينحل الأمر هنا.
نعم، على ما أوضحناه لا يعقل الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي الفعلي بمعناه التام، كما هو المقصود والمرام، فلا يعقل الترخيص في البدويات، فضلا عن أحد الأطراف في المعلوم بالإجمال، ويعقل الجمع على ما سلكناه من الخطابات القانونية، وأن التكاليف فعلية جدية قطعية واقعية قانونية غير إنشائية، ويعقل الترخيص في المجموع، فضلا عن الواحد غير المعين (1).
إذا عرفت هذه الوجيزة، وتبين إمكان الترخيص ثبوتا، فقد مال إليه بعضهم، ويمكن أن يحرر ذلك بوجوه.
وقبل الخوض بذكرها تلخيصا، نشير إلى وجيزة أخرى وهي:
أن التخيير العقلي - أي التخيير بحكومة العقل، بمعنى درك العقل تلك الخيرة - لا معنى له، لأن المفروض تنجيز العقل مجموع الأطراف، فلا معنى لاستقلاله ثانيا على التخيير. فما يمكن أن يكون وجه التخيير الشرعي أحد وجوه ثلاثة:
إما التخيير كالتخيير في الخصال، وهذا مفقود بالضرورة.
أو التخيير بتقييد الإطلاقات، وبعبارة أخرى بالجمع بين الأدلة الموجودة، كما قيل به في المتزاحمين.
أو التخيير بكشف العقل خطابا تخييريا شرعيا، كما هو قول آخر فيهما.
وقد مال إلى التخيير بالوجه الأول من الأخيرين صاحب " الكفاية " (رحمه الله) في باب تعارض الأمارتين والحجتين (2)، كما سيظهر إن شاء الله تعالى.