الاحتياط حتى يأمن من العقاب المحتمل.
فبالجملة: مدعي أن العلم الاجمالي ليس له شأن، لا بد أن يدعي جريان البراءتين العقلية والعقلائية في الأطراف وهذا واضح ممنوعيته عندهم ولا أظن التزام أحد بذلك وما نسب إلى العلمين: الخونساري، والقمي، يرجع إلى الشرعية كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وتحصل على التقريب الثاني: أن الجهل عذر في البدويات، وليس عذرا في صورة اقترانه بالعلم، فليس العلم شيئا، ولا علة لتنجيز الحكم، أو لإيجاب الموافقة القطعية، أو حرمة المخالفة القطعية، بل الاحتياط بحكم العقل ودركه لازم، إلا إذا كان له العذر في صورة التخلف عن المرام ومطلوب المولى.
وهذا لا يحصل فيما نحن فيه، سواء كان العلم بالحكم، أو بالحجة، وسواء كان المعلوم جنس التكليف، أو فصله، وسواء كان المجهول متعلق التكليف، أو متعلق المتعلق في الشبهات الحكمية على أصنافها. فإلغاء العلم الاجمالي عن المنجزية والعلية والسببية والاقتضاء، ممكن على التقريب الثاني.
بقي شئ: في بيان ما يوجب الاحتياط عند العلم الاجمالي ربما يقال: إن في موارد العلم الاجمالي، ليس وجه الاحتياط العلم بالعقاب، لإمكان انتفائه لأجل سعة رحمته تعالى، أو نيل شفاعة الشافعين، فما هو الوجه انتفاء المؤمن (1).
وغير خفي: أن حديث سعة رحمته وشفاعة الشافعين، لا تنافي العقاب حسبما تحرر في الكتب العقلية، ولا ينبغي للأصولي غير العارف بالمسائل الإسلامية العقلية تخليط المسائل الاعتبارية والواقعية.