بقي شئ: في أن حسن الاحتياط إضافي لا حقيقي فذلكة ما تحرر: أن حسن الاحتياط ورجحانه العقلي - مضافا إلى امتناع كونه راجحا نفسيا شرعا - محل منع، بخلاف جوازه، فإنه ضروري.
ويمكن أن يكون راجحا بالإضافة، لأن في الشبهات الوجوبية، يكون احتمال الوجوب أكثر من احتمال المبغوضية الذاتية الواقعية، وفي الشبهات التحريمية كذلك، وعلى هذا تحمل أخبار المسألة على ذلك، ولا تدل على رجحانه على الإطلاق، كما لا يخفى. وما ذكرناه تام من غير فرق بين التوصليات والتعبديات.
نعم، في التعبديات يمنع حسنه لأجل ما أشير إليه، وإلى ما فيه.
وأما ما في كلام القوم (1) و " الكفاية " (2): من أن إمكان كشف الأمر بدرك الحسن الذاتي مسدود، للزوم الدور، ضرورة أن الحسن متوقف على وجود الأمر، فكيف يعقل كشف الأمر بدرك الحسن؟! فهو قابل للدفع: بأن الحسن الذاتي العقلي مبدأ كشف الأمر، فيثبت به الحسن الشرعي، ولا يتوقف الحسن الذاتي على الأمر، فتدبر.
وبعبارة أخرى: لا ينبغي الخلط بين ما به قوام الحسن الذاتي في عبادية العبادة، وما به قوام عبادية العبادة شرعا، فإذا كان الأول متقوما باحتمال الأمر، يكشف به الأمر حسب القاعدة، وبعد ذلك يثبت حسن العبادة شرعا، لحصول ما به عبادية العبادة.