له (1)، وأخذها بعض المعاصرين مذعنا بأن هذا إشكال على مباحث الأصول (2).
والإنصاف: أنه من الغريب، ضرورة أن النجاسة والطهارة إذا كانتا معلومتين، فحكمهما معلومان، وإذا كانتا مجهولتين، فالحلية والحرمة مشكوكتان، لأن الشك فيهما من الشك في جواز الأكل تكليفا، وجواز الصلاة وضعا، فيتمسك بقاعدة الحل، فعليه يرجع الشك فيهما إلى الشك في التكليف، وإلا فالنجاسة والطهارة بما هما لا أثر لهما، أو يرجع الشك فيهما إلى المكلف به، فلا يكون خارجا عن البحوث الأصولية.
نعم، في موارد الشك في الطهارة والنجاسة، تكون قاعدة شرعية إلهية حاكمة على أصالة الحل، من غير احتياج إليها حتى في مورد، لأن في جميع موارد تلك القاعدة، تكون قاعدة البراءة دافعة ومرجعا، فاغتنم.
الأمر الثاني: في أنه لا مناسبة لذكر الحكومة وأنحائها هنا سيمر عليك تحقيق حقيقة الحكومة وأقسامها في بحوث التعادل والترجيح (3)، والبحث عن هذه المسألة هنا، أيضا من الخلط بين ما هو شأن الباحث الأصولي، وبين ما هو وظيفة المكلفين، فإن وظيفة المكلف عدم الرجوع إلى الأصول مع وجود الأمارة على خلافها، وأما الباحث الأصولي فلا يلزم أن يلاحظ تقدم الأمارات على الأصول في مبحث تنقيح مفاد الأصول ومجاريها، لأن البحث مجرد فرض، ويكون نظره إلى تنقيح مفاد أدلة الأصول ومصبها وموضوعها، سواء كان هو متعبدا معتقدا بأساس المذهب، أم لم يكن، وسواء كان شاكا، أو غير شاك.