لا يبعد ذلك، ضرورة أن المضطر إليه هو الجامع الذي لا حكم له بما هو هو، فعندئذ يجب التحفظ على المحرم الواقعي الموجود، كي يكون على عذر عقلائي أو عقلي.
نعم، ربما يخطر بالبال أن الجامع بين المحرم والمحلل، ليس بلا حكم، لأن طبيعة الجنس موجودة مع النوع، فالمائع المضطر إليه ليس على الإطلاق بلا حكم، ضرورة أنه في ضمن صوره الخمر محرم وإن يمكن سلب الحرمة عنه بما هو هو، إلا أنه لا ينفع الحيثية والتفكيك بين الحيثيات في المقام، ولذلك لا يعقل أن يرد دليل على حلية المائع، وحرمة الخمر، إلا أن يجمع بينهما بالتقييد.
اللهم إلا أن يقال: إن حيثية الاضطرار غير ما أشير إليه، فعندئذ يجوز الاضطرار إلى حيثية المائع من غير كونه ساريا إلى الموجود في الحرام.
إلا أن يقال: بأن الإطلاق في متعلق المضطر إليه هي السارية، وهو باطل، فافهم واغتنم.
الرابع: في الاضطرار إلى ترك الواجب قد مضى في مطاوي بحوثنا: أن الاضطرار إلى ترك الواجب، لا معنى له إلا برجوعه إلى انتفاء القدرة العادية على إتيانه، فيكون خارجا عن المسألة. مع أنه لا يشمل أدلة الاضطرار ترك الواجبات، لما لا حكم له شرعا، فلو اضطر إلى ترك السورة فلا دليل على تصحيح الصلاة، لأن بطلان الكل بترك الجزء عقلي.
نعم، لو اضطر إلى إيجاد المانع فلا بأس به، كما لا يخفى.
وربما يقال: إن حديث ترك الواجب كحديث استصحاب عدم الموضوع، فكما يرتفع الموضوع باعتبار حكمه، كذلك فيما نحن فيه، فيرفع حكم السورة وهي الجزئية.