وهم ودفع: حول ورود قاعدة قبح العقاب على قاعدة دفع الضرر قد وقع في " الدرر " وفي تقريرات العلامة الأراكي (رحمه الله): أن ورود القاعدة الأولى على الثانية، لا يستلزم محذورا، بخلاف العكس، فإنه يستلزم الدور، ضرورة أنه لا بد من وجود الاحتمال حتى تجري القاعدة الثانية، ولا يعقل الاحتمال بالقياس إلى القاعدة الأولى، لأنه مدفوع بها، ولا يمكن إيجاد الاحتمال من قبل نفس القاعدة الثانية، لامتناع تكفل الكبرى لإحداث الصغرى إلا بعد وجود الصغرى، فيلزم الدور من توهم ورود الثانية على الأولى (1).
ويندفع ذلك: بأن كل واحدة من الكبريين، تلاحظ في ذاتها مع قطع النظر عن الأخرى، وعليه فلا شبهة في أن صغرى القاعدة الثانية محققة بالوجدان، فيكون انطباق الكبرى عليها، موجبا لورودها على الأولى، وصغرى القاعدة الأولى أيضا حاصلة وجدانا، والانطباق قهري يستلزم ورودها عليها أيضا، وإذا لوحظتا معا فلا ورود لإحداهما على الأخرى، لأجنبية كل عن الأخرى.
مثلا: قوله تعالى: * (ولا تقف ما ليس لك به علم) * (2) إذا قيس إلى دليل أن الأمارة علم، تحصل الحكومة، لارتباط بينهما في عالم الكبروية، وإذا فسر " العلم " في الآية بأنه الحجة، يكون دليل أن الخبر الواحد حجة، واردا عليها، لارتباط بينهما في حد ذاتهما، بخلاف هاتين الكبريين، فإن الكل أجنبي عن الآخر موضوعا ومحمولا.
نعم، غير خفي: أن القاعدة الأولى أعم موردا، ضرورة أنها تجري في موارد الشبهات والاحتمالات، وفي موارد الأمارات المتخلفة عن الواقعيات، فإن العقاب