فما ترى في تفصيل الأصحاب رحمهم الله حول القاعدة: من أن الضرر فيها تارة: دنيوي، وأخرى: أخروي، وثالثة: يرجع للمصالح والمفاسد (1)، أجنبي عما يرتبط بجوهرة البحث هنا، ولولا بعض الأمور لما يهمنا الإيضاحات المذكورة، لقلة عوائدها في الفقه.
التحقيق في قاعدة لزوم دفع الضرر المحتمل فعلى ما تحرر وتقرر، يقع الكلام تارة: في القاعدة المذكورة بما هي عقلائية، وأخرى: بما هي عقلية، على اختلاف التعابير:
أما المقام الأول:
فالعقلاء بما هم عقلاء، يلاحظون النسب في ارتكاب محتملات الضرر، فربما يقدمون ويقتحمون الضرر، لمصالح اخر، ولطلب الراحة والاستراحة، بل ربما يقتحمون الضرر المعلوم، نظرا إلى الكيفيات الخاصة الحاصلة لهم حسب اختلاف أفهامهم وإدراكاتهم، فوجوب دفع الضرر المحتمل، أو حرمة ارتكاب الضرر المحتمل وممنوعيته، ممنوع لا على الإطلاق، بل على إطلاقه.
وفيما نحن فيه، لا يتحمل المشقة العادية باحتمال الضرر، لأن ترك شئ أو ارتكاب شئ، ربما فيه منافع خاصة راجحة على ما هو المحتمل عندهم، كما نراه بالوجدان، والاحتياط يصعب بما لا تقتضيه القاعدة.
ثم إن الأمور العقلائية والعرفية، تحتاج إلى الإمضاء الشرعي، لإمكان تجويز الشرع ارتكاب تحمل الضرر، فما دام لم ينضم إليها رضا الشرع، لا تنفع تلك