الزجر عن الطبيعة، بوجه لا مزيد عليه في محله (1)، ولا تشتغل الذمة بشئ يعبر عنه ب " العدم المطلق، وترك الطبيعة " من غير فرق بين تخيل كون الاشتغال مدلولا التزاميا، أو مطابقيا، على خلاف فيه، وإلا يلزم الحاجة إلى القول: بأن استحقاق العقوبة على العصيان، لأجل التخلف عن درك عقلي، لاعن حكم شرعي، فإنه لو كانت الذمة مشغولة، فالعقل يدرك فراغه واستحقاق العقوبة على ترك الفراغ، وهذا بالضرورة بعيد عن الواقع.
مع أن النهي وصيغته قائمان مقام الزجر التكويني الحاصل من الإشارة، فلا يوجب اعتبار شئ في الذمة، فالقول بالبراءة متعين.
بقي بحث: حول الاستدلال بأن ترك الطبيعة بترك جميع الأفراد ربما يستدل على الاشتغال: بأن ترك الطبيعة بترك جميع الأفراد (2).
وأجيب: " بأن ترك الطبيعة كإيجاد الطبيعة، وكما أن إيجادها بإيجاد المهملة، كذلك في ناحية الترك، ولا معنى لما اشتهر: " من أن ترك الطبيعة بترك المطلقة " ولو كان هذا قاعدة يستدل بها في الكتب العقلية، فهي عقلائية، لا عقلية صرفة، ضرورة أن الطبيعي تمام حقيقة الانسان، فبوجوده يوجد تمام الطبيعة، وبعدمه ينعدم تمام الطبيعة " هذا ما أفاده الوالد المحقق - مد ظله - (3).
أقول أولا: لو كان الأمر كما تحرر، للزم في موارد النهي عن نفس الطبيعة، كفاية تركها في زمان ما، لأن عدمها عدم تلك الطبيعة، ولا فرق بين إعدام الطبيعة الموجودة، وبين سد وجودها بإطالة العدم المطلق، فإيجاد متعلق الأمر بنفس