فما سلكه القوم هنا إلا صاحب " الدرر " (1) - رضوان الله تعالى عليه - خال من النشاط العلمي، لأن ما هو التنبيه هو هذا، دون صغرياتها.
وبعد ذلك يقع الكلام في مرحلتين:
المرحلة الأولى: حول شرطية العلم بالتكليف الفعلي وعدمها وعدم تمامية ما هو المفروغ منه عندهم في بعض الأحيان - كما أشير إليه في كلماتهم في غير المقام (2) - وذلك فيما إذا كان المعلوم بالإجمال في طرف حكما فعليا منجزا، وفي الطرف الآخر حكما مشروطا معلوما تحقق شرطه، فإنه لا يعلم المكلف بالتكليف الفعلي المنجز بالضرورة، ولكن جريان البراءة العقلية ممنوع كما تحرر (3)، بخلاف ما إذا كان الطرف حكما مشكوكا تحقق شرطه، أو يعتقد بأنه لا يتحقق شرطه، فلو علم بأنه إما يجب عليه الحج المشروط مع عدم العلم بتحقق شرطه، أو يجب عليه صوم شهر شعبان، تجري البراءة العقلية بالنسبة إلى وجوب الصوم.
وهكذا إذا علم إجمالا: بأنه إما يجب عليه الوضوء المقدور، أو الغسل المشكوك اقتداره عليه، فإنه وإن قلنا: بأنه لا يعلم بالتكليف الفعلي، لأن في صورة العجز الواقعي ليس تكليف ثبوتا، فلا يعلم بالتكليف على كل تقدير، ولكن مع ذلك يجب الاحتياط، فلا يعتبر في جميع الموارد العلم الاجمالي بالتكليف الفعلي وبتمامية الحجة.
ولو استشكل في المثال الثاني: بأن الشبهة البدوية فيه منجزة، فلا إشكال في