حول الاستدلال بحديث الرفع على البراءة بقي في المقام حديث الرفع، وقد أخرنا أمره لأنه مرجع الأصوليين في المسائل الكثيرة الكلية، وفيه - مضافا إلى الاحتجاج على الأخباريين - احتجاجات بينهم على المسائل الخلافية بينهم خصوصا، فإن البحث كان إلى هنا حول كشف دليل في الجملة على المقصود فيما هو مورد الخلاف بينهم وبين الأخباريين، وأما في هذا الحديث فيرجع البحث إلى إطلاق القاعدة الكلية: " وهو أن المشكوك مرفوع على الإطلاق " في قبال من يخصه بالتكليفيات دون الوضعيات، وعدمه.
فالنظر في هذا الحديث الشريف يقع في جهات:
الجهة الأولى: في السند ففي " الكافي " مرفوعا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
وضع عن أمتي تسع خصال: الخطأ، والنسيان، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه، وما استكرهوا عليه، والطيرة، والوسوسة في التفكر في الخلق، والحسد ما لم يظهر بلسان أو يد " (1).
وفي " الفقيه " مرسلا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " وضع عن أمتي تسعة أشياء: السهو، والخطأ، والنسيان، وما اكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، والطيرة،