التنبيه التاسع في دوران الأمر بين المحذورين وقبل الخوض في مسائله نشير إلى أمور:
الأمر الأول: في شمول البحث للدوران بين الحرامين كما يتصور دوران الأمر بين المحذورين: الواجب، والحرام، فيكون فعل شئ واجبا، أو حراما، يتصور بين الواجبين، فيكون فعل شئ واجبا، أو تركه واجبا، وهكذا بين الحرامين، فيكون فعل شئ حراما، أو تركه حراما.
وتوهم: أن الترك لا يعقل وجوبه ولا حرمته، لأن الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد، ولا يعقل أن يكون في الترك مصلحة أو مفسدة، لأنه عدم ولا شئ، ولا يعقل فيه ذلك بالضرورة (1)، مدفوع بما مر في محال من هذا الكتاب (2)، فإن في مثل تروك الإحرام، لا بأس بالالتزام بكونها واجبة في الاعتبار، نظرا إلى المفسدة في وجود المضاف إليه، وهذا يكفي لاعتبار وجوب الترك باعتبار ذاك، ولا يعتبر أزيد من ذلك، حسب نظر العدلية الذي ينتهي إلى أنه لا بد وأن لا تكون الأحكام جزافية، فلا تخلط واغتنم.