وأما العقل وقبل الخوض في كيفية تحرير الوجه العقلي لوجوب الاحتياط، لا بد من الإشارة إلى نكتة: وهي أن من المحرر عند الأصوليين، أن العلم الاجمالي يوجب تنجيز المعلوم بالإجمال ولو ارتكب طرفا، أو بقي طرف، أو فني سائر الأطراف، ويقولون ببقاء الأثر وإن لم يكن العلم بعد انعدام الطرف موجودا (1).
فعلى هذا، لو علم بأن المولى له التكاليف الإلزامية المختلفة إجمالا، وتبين له طائفة منها، ولم يتبين الأخرى، يكون مقتضى القاعدة لزوم الاحتياط بالنسبة إلى الباقي، لبقاء الأثر. نعم لو تبين في الزمان المتأخر خطأه فلا أثر، لما لا علم.
وأما توهم الفرق بين ما إذا علم إجمالا بحرمة أحد الإناءين، ثم انعدم أحدهما، وبين ما إذا علم بوجود الإلزاميات الشرعية، ثم تبينت تلك الإلزاميات بمقدار يحتمل كون المعلوم بالإجمال بمقدارها، فإنه في الأول يبقى الأثر، دون الثاني، لأنه من قبيل تبين كون المحرم من الإناءين الإناء الشرقي (2)، فغير جيد، لأن ما نحن فيه من قبيل ما إذا علم بحرمة أحد الإناءين، ويحتمل حرمة المجموع، ثم بعد ذلك تبين حرمة أحدهما المعين، ويحتمل كون المحرم هو الحرام المحتمل، لا المعلوم، فإن المحرم الواقعي المعلوم، باق على حاله وعلى أثره.
وغير خفي: أن للشرع الترخيص في بعض الأطراف، حسبما تحرر في