تذنيب: في أن الغفلة عذر في الأحكام دون الموضوعات يمكن حمل " الجهالة " على السفاهة، وأن السفيه من لا يهتم في أموره، ولا يعتني بعواقب أفعاله، فيصير طبعا غافلا.
إلا أن الغفلة في مصر الأخبار وعصر الروايات بالنسبة إلى الحكم المذكور، أهون من الغفلة بالنسبة إلى ما هو تحت اختياره وقدرته، فإنه بالنسبة إلى الحكم، تكون أسباب الجهالة في تلك الأعصار أقوى وأكثر، أي عدم وجود المقتضي للاطلاع عليه، بعد تشتت الأخبار والأحكام، وقلة من يعرفها، بخلاف الجهالة بالنسبة إلى الموضوع، بعد كونها بين يديه، ويكون المتعارف السؤال عنها.
ولو قلت: في ذيل الخبر " والآخر يجهل " وظاهر الجهل هنا والجهالة واحد، وهو عدم العلم.
قلت: مع ذلك يمكن حمل " الجهالة " في الرواية على عدم العلم، إلا أن الجهالة بالنسبة إلى الحكم مقرونة بالغفلة التي لا يقدر معها على الاحتياط، ولا يكون التسامح فيه مضرا بعذريته، فلا يجب التحفظ، بخلاف الغفلة في الموضوع الناشئة عن قلة المبالاة، فإنه يقدر على الاحتياط، لعدم عجزه عن الاحتياط إلا لأجل عدم مبالاته بدينه ولو كان معذورا من جهة أصل الجهل، وبذلك تنحل المشاكل ظاهرا، ولا يلزم خلاف ظاهر في ألفاظ الحديث، فليتدبر جيدا.
وبعبارة أخرى: كما أن مع العلم بالإكراه، يمنع العقل عن دخول الدار، ويصح أن يقال: " كان قادرا على الاحتياط بعدم دخوله " مع أنه كان عاجزا عن ترك الشرب، كذلك الأمر هنا، فالغفلة هي المقصود هنا في الرواية صدرا وذيلا، إلا أن الغفلة في الحكم عذر، وفي الموضوع ليس بعذر، فيقدر على الاحتياط كما عرفت.
نعم، مشكلة جريان استصحاب حياة الزوج أو بقاء النكاح، إن كان الشك في