للعلم إلا من ناحية الوجه الأخير: وهو تمامية الخطابات القانونية، وفي الصورة الثالثة بعد وجود الأدلة لا يعتنى بتلك الشبهة، ويكون العلم - على حسبما أوضحناه - منجزا، دون الوجه الأخير.
وأما الصورة الرابعة والخامسة أيضا، فهما مثل الأوليين في تمامية الوجه الأخير فيهما على الإطلاق، وهكذا الوجه الذي أشرنا إليه في بعض الأحيان، فلا تغفل.
ويمكن دعوى: أن مقتضى إطلاق الدليل مبغوضية المعجوز عليه والخارج عن محل الابتلاء، ضرورة أن الأوامر والنواهي لها الخواص والآثار، فلو لم يكن بعض منها معقولا للاستهجان، وهو البعث بداعي الانبعاث والزجر لغرض الترك، فلا يلزم سقوطهما رأسا، بل يكشف بهما المحبوبية الإلزامية والمبغوضية الإلزامية، وتصير النتيجة وجوب الاحتياط في الطرف المبتلى به والمقدور عليه والمحتاج إليه حسب الصناعة، فإذا لم تكن السيرة تامة في بعض الشبهات التحريمية والشبهات الوجوبية، فالاحتياط متعين إلا عندنا، لما عرفت في أصل المسألة (1).
بقي شئ: حول إثبات الاحتياط بناء على الخطابات القانونية وهو أن مقتضى الخطابات القانونية، ليس إلا العلم الاجمالي بالتكليف الفعلي ولو كان بعض الأطراف مورد العجز، أو خارجا عن محل الابتلاء والقدرة العادية، وأما كفاية كونه منجزا فمحل المناقشة، ضرورة أن الميزان هو العلم الاجمالي باستحقاق العقوبة على كل تقدير.
وما ذكره الأصحاب: من أن المدار على العلم الاجمالي بالتكليف الفعلي (2)، محمول على المسامحة والمتعارف، وأنه يلازم نوعا العلم الاجمالي بالاستحقاق،