المقام الثاني: حول ما يتعلق بحدود ترخيص الشرع تصديقا في الشبهات الحكمية المقرونة بالعلم الاجمالي وحيث إن ذلك مما لا ينال إلا بالبحث في كل دليل على حدة، فلا بد من جعل دليل كل من الطرق والأمارات والأصول مورد النظر إجمالا، وإحالة الزائد عليه إلى أبوابها.
وغير خفي: أن بحوث أصحابنا الأصوليين غير شاملة الأطراف، لذهاب بعضهم إلى البحث عن خصوص الشبهات الموضوعية، وإحالة الحكمية عليها (1)، وذهاب بعضهم إلى البحث عن حال الأصول، دون الأمارات (2)، مع أن ملاك البحث عام يشمل الصورة التي ذكرناها: وهي ما لو علم إجمالا بوجوب الظهر أو الجمعة، مع قيام خبر زرارة خصوصا على عدم وجوب الجمعة، وخبر ابن مسلم على عدم وجوب الظهر، فإنه في حد ذاته مما لا بأس بهما، إلا أنه كما يمكن البحث عن جريان استصحاب عدم وجوب كل واحد، والبراءة عن وجوب كل واحد، يمكن البحث في الصورة المذكورة، فيجوز الأخذ بقولهما مع كون الحكم الواقعي فعليا ومعلوما بالإجمال.
وبالجملة: لا شبهة في أن شرط جريان أدلة حجية كل من الطرق والأمارات، حاصل في موارد العلوم الإجمالية، لما عرفت من تعانق العلم الاجمالي بالشبهة والشك بالنسبة إلى كل خاص، وبالنسبة إلى كل واحد من الأطراف بعنوانه