من القسم الثاني، وإذا شك في أنه شرع في أخرى مع القطع بأنه قد تمت الأولى كان من القسم الثالث، كما لا يخفى.
هذا في الزمان ونحوه من سائر التدريجيات.
وأما الفعل المقيد بالزمان، فتارة يكون الشك في حكمه من جهة الشك في بقاء قيده، وطورا مع القطع بانقطاعه وانتفائه من جهة أخرى، كما إذا احتمل أن يكون التعبد به إنما هو بلحاظ تمام المطلوب لا أصله، فإن كان من جهة الشك في بقاء القيد، فلا بأس باستصحاب قيده من الزمان، كالنهار الذي قيد به الصوم مثلا، فيترتب عليه وجوب الامساك وعدم جواز الافطار ما لم يقطع بزواله، كما لا بأس باستصحاب نفس المقيد، فيقال: إن الامساك كان قبل هذا الآن في النهار، والآن كما كان فيجب، فتأمل.
وإن كان من الجهة الأخرى، فلا مجال إلا لاستصحاب الحكم في خصوص ما لم يؤخذ الزمان فيه إلا ظرفا لثبوته لا قيدا مقوما لموضوعه، وإلا فلا مجال إلا لاستصحاب عدمه فيما بعد ذاك الزمان، فإنه غير ما علم ثبوته له، فيكون الشك في ثبوته له - أيضا - شكا في أصل ثبوته بعد القطع بعدمه، لا في بقائه.
لا يقال: إن الزمان لا محالة يكون من قيود الموضوع وإن أخذ ظرفا لثبوت الحكم في دليله، ضرورة دخل مثل الزمان فيما هو المناط لثبوته، فلا مجال إلا لاستصحاب عدمه.
فإنه يقال: نعم، لو كانت العبرة في تعيين الموضوع بالدقة ونظر العقل، وأما إذا كانت العبرة بنظر العرف فلا شبهة في أن الفعل بهذا النظر موضوع واحد في الزمانين، قطع بثبوت الحكم له في الزمان الأول، وشك في بقاء هذا الحكم له وارتفاعه في الزمان الثاني، فلا يكون مجال إلا لاستصحاب ثبوته.