بقي شئ: في انحصار المجاز بالفقرة الأولى البحث عن أن إسناد الرفع إلى التسع حقيقي أو مجازي صحيح، وأما إلى سائر الجمل فلا إسناد في الحقيقة، وإن الحروف العاطفة لا توجب الإسناد الانشائي الاستعمالي. ومجرد كون المعطوف في حكم المعطوف عليه، لا يقتضي كون الرفع منتسبا إلى المعطوف في الحقيقة، بل هو أمر بنائي وفي حكم الإسناد.
فعلى هذا، لا مجاز إلا في الفقرة الأولى، وتكون هي شاهدة على ما هو المراد في اللب والواقع في سائر الفقرات، فأصل الإسناد إليها ممنوع حتى يقع البحث في أنه مجاز، أو حقيقة.
فبالجملة: لو كان بحسب الاستعمال احتياج إلى المبرر والمصحح في إسناد الرفع إلى النسيان، فهو متحد المآل في سائر الفقرات، لأنه قرينة على ما هو المرام فيها، ولا بد حينئذ من اتباع تلك القرينة.
وإن أبيت عن ذلك فلا يهمنا، إلا أنه مما لا ينبغي الغفلة عنه، لإمكان اختلاف الأثر، مثلا على الاحتمال المذكور ربما يقوى في النظر: أن يكون المبرر رفع العقاب وانتفاء العذاب، لأن النسيان والخطأ مورد السؤال في الكتاب عن عدم العقاب والمؤاخذة عليهما، قال الله تعالى: * (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) * (1).
وعلى الفهم المشهور يكون للتفصيل وجه، لأن في موردهما يؤيد الكتاب أن الرفع باعتبار العقاب، وفي مورد الاضطرار والاستكراه واللا طاقة، يناسب الكتاب رفع الحكم، قال الله تعالى: * (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا) * (2)