فعلى كل: ذهب الشيخ (رحمه الله) إلى التخيير (1)، واستشكل عليه: بأنه خروج عن البحث، إما لجواز إبطال الصلاة لقصور دليل حرمته، أو لإمكان الاحتياط بالتكرار (2)، والأول وجيه، ولكنه مما لا يلتزمون به، والثاني غير وجيه لأنه على تقدير إمكان الاحتياط، يبقى الكلام في الصلاة التي هي بيده أنه بالتخيير بين العود والمضي، أم في خصوص ذلك الذي بيده يتعين عليه العود، فيثبت التخيير.
ولكن قد أشرنا في مطاوي ما مر إلى أن هذه الأمثلة ومثال صلاة الحائض، خارجة عن البحث (3)، لجريان استصحاب بقاء محل العود، لو كان يجري في المفهومية من الشبهات، أو استصحاب بقاء الأمر الضمني، أو لحكم العقل بالاشتغال، وأن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية، فلا بد من العود، فاغتنم.
إعادة وإفادة: في تعين التخيير البدوي في المقام لا شبهة في أن العقل يدرك قبح المخالفة القطعية، ويدرك استحقاق العقوبة عليها، فعلى هذا في الوقائع المتعددة إذا كان التخيير بدويا، فلا يدرك استحقاق العقوبة، ويحتمل الموافقة حتى في العبادات إذا أتى بها رجاء، فيستحق المثوبة حتى في التوصليات مطلقا، أو إذا اختار التخيير البدوي برجاء الإصابة، وفرارا عن المخالفة القطعية.
وأما إذا كان التخيير استمراريا، فلا يدرك إلا وجوب الجنة والمثوبة، وهذا مما لا يجب على العقل تحصيله، بخلاف إدراك استحقاق العقوبة.
فيدور الأمر بين درك عدم استحقاق العقوبة قطعا في التخيير البدوي، وبين