فلا يجمعهما العنوان الواحد (1)، غير تام، لأن الموردين فيما يوجب القبح متحدان، وفيما لا يوجب القبح متعددان كما لا يخفى، فافهم واغتنم.
وفيما ذكرناه إلى هنا إيماء إلى المواضع الضعيفة الواقعة في كلمات القوم صدرا وذيلا، يتوجه إليه من تدبر فيما أفادوه، فليراجع.
بحث وتحقيق: في منع قاعدة قبح العقاب عقلا، لا عرفا وعقلائيا لا شبهة في أن هذه الكبرى " وهي أن العقاب بلا بيان قبيح " من القضايا المشهورة العقلائية، وتكون قابلة للاستناد إليها لإثبات البراءة العقلائية، وأما التمسك بها لإثبات البراءة العقلية، فهو في محل المنع، وذلك لما تحرر في محله: من أن انتزاع العنوان الواحد والمفهوم الفارد من الكثير بما هو كثير، غير معقول (2)، ولا بد من رجوع الكثير إلى الجهة الواحدة المشتركة، وأن الحيثيات التعليلية في الأحكام العقلية، ترجع إلى التقييدية، وتكون بنفسها عناوين وموضوعات لذلك الحكم الذي يناله العقل، ويدركه الفهم.
مثلا: انتزاع مفهوم " الوجود " وحمل " الموجود " على الكثير بما هو الكثير، غير ممكن إلا برجوع الكثير إلى معنى واحد هو قيد له، ومشترك وسار في الكل، ويكون هو في الحقيقة موضوع ذلك المفهوم والعنوان، وذلك هو حيثية الوجود، ولا يكون زيد وعمرو وبكر موضوعا لحمل " الموجود " بالحقيقة، وإنما يحمل عليهم، لحيثية الوجود المقرون معهم.
ومن هنا يظهر: أن حمل " القبيح " على " العقاب بلا بيان " وعلى " ترجيح المرجوح على الراجح " وعلى " هتك المؤمن " لا يعقل أن يكون حملا ذاتيا، وليس