وتوهم: أنه ربما تكون في الواجبات القطعية ألسنة الروايات مختلفة، كما في مثل الصوم والصلاة، غير نافع، لأن وجوبها ضروري، ولا يستكشف من الآثار والأخبار، فلا يضر به اختلاف المآثير، بخلاف الوجوب المشكوك، كما نحن فيه.
ثم إن شريعة الاسلام شريعة سهلة سمحة، لها المبادئ المختلفة، وبحسب تلك المبادئ المختلفة تختلف الآثار والأخبار، مثلا من المبادئ ملاحظة سياسة المدن والمنزل، وملاحظة سهولة الأمر على المسلمين، وترغيب الناس في الاسلام، فإذا كان هذا مبدأ فلا يصدر منه إلا " كل شئ حلال " (1) و " كل شئ طاهر " (2) و " رفع... مالا يعلمون " (3) وأمثالها.
وحيث إنه شرع يحافظ على مصالح العباد الروحية والجسمية الفردية، ويلاحظ أن الترغيب المذكور ربما يوجب التهتك، فيصدر بمبدئية ذلك أوامر التوقف والاحتياط، وأن " ما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجهه فنل منه " (4).
فلا تهافت بين هذه الروايات، لاختلاف تلك المبادئ الراجعة إلى سياسة كلية لازمة، وسياسة فردية راجحة، أو لازمة في المجموع، لا بلحاظ الضرر فردا، فإنه إذا كان المولى يجد تجنب جمع ندبا عن الشبهات، فله الأمر الندبي به ولو كان لازما في الجملة، لوصوله إلى مقصوده، فلا تخلط.
ثم إنه لا وجه يعتنى به للتفصيل بين الشبهات التحريمية الحكمية