وارتكب الكل، يلزم امتناع عقابه على المولى، لما لا تتم حجة المولى على الخاص، وما هو التام عليه حجة غير مجعولة، وهي الحرمة المجملة.
وحيث نجد درك العقل صحة عقوبة العبد على ارتكاب الكذب وشرب الخمر وهكذا، فيعلم منه تنجز الخاص، ولازم ذلك تنجز المقدار الزائد لو كان لانطباق المعلوم عليه طبعا على البدلية، لما لا مميز له في مرحلة الإثبات، فيكون موجبا نفس هذا الاجمال، لاستحقاق العبد بالنسبة إلى الزائد، فاغتنم وتدبر، فإنه جدير به.
وعندئذ لا معنى لانحلال العلم الاجمالي بعد قيام الطرق على المقدار المعلوم، لا واقعا، ولا حكما.
ثم إنه قبل الإشارة إلى حل المعضلة المذكورة، نشير إلى نكتة: وهي أن اختلاف الأعلام (رحمهم الله) في أن الانحلال في المسألة - على تقدير وجوده - واقعي، أو حكمي (1)، غير راجع إلى محصل عندنا، وذلك لأن المراد من " الانحلال " إن كان زوال القضية الترديدية - أي المنفصلة - إلى القضية البتية القطعية، والقضية المشكوك فيها، فهو حاصل بالضرورة، ولا يجوز لأحد إنكاره بعد ما لم يكن مميز بين المعلوم بالإجمال وما قام عليه الطريق.
مثلا: إذا علم بأن أحد الإناءين محرم، وقام الطريق على حرمة أحدهما، لا يبقى الاجمال، لانعدام القضية المنفصلة، بخلاف ما إذا كان المعلوم حرمة أحد الإناءين حرمة غصبية، وقام الطريق على حرمة أحدهما المعين حرمة خمرية، فإن الترديد بعد باق، والانحلال بلا وجه، إلا أنه يجوز دعوى انحلاله الحكمي.
وإن كان المراد من " الانحلال " فيما نحن فيه ذهاب الأثر، فهو غير صحيح،