على ذلك، فقال: يدل على صحة التأويل قوله عليه السلام في رواية الفضيل الذي أخذته قبل أن يدخل بها فهو الذي حل له به فرجها، وليس بعد ذلك شئ. وأورد عليه أن سكوتها ورضاها بالدخول لا يدل على رضاها به مهرا، بل هو أعم منه، والعام لا يدل على الخاص، على أنه قد تقدم في مفوضة البضع أن المستفاد من أخبارها أنها تستحق بالدخول مهر المثل، وهذه من جملة أفرادها.
وأما ما نقل عن الشيخ المفيد من تعليل ذلك بأنها لو لم ترض به مهرا لما مكنته من نفسها حتى تستوفي تمامه أو توافقه على ذلك وتجعله دينا عليه في ذمته.
فرده في المسالك بأن منعه ظاهر، إذ لا يلزم من عدم رضاها عدم تمكينها لجواز اعتمادها في ذلك على ما يلزم شرعا بالدخول وهو مهر المثل.
أقول: ومن ثم إن المحقق في الشرايع قال هنا: قيل: إذا لم يسم لها مهرا وقدم لها شيئا ثم دخل كان ذلك مهرها، ولم يكن لها مطالبته بعد الدخول إلا أن تشارطه قبل الدخول، على أن المهر غيره، وهو تعويل على تأويل رواية واستناد إلى قول المشهور. إنتهى وهو جيد، وقد قدمنا أن الأظهر حمل رواية الفضيل على الرضا: بما قدمه مهر لئلا يلزم مخالفتها للقواعد الشرعية، والله العالم.
المسألة الثانية: لا خلاف بين الأصحاب في أن الوطئ الموجب للغسل موجب لاستقرار ملك جميع المهر المسمى في العقد وإنما الخلال في أنه هل يقوم غيره من مقدمات الوطئ كالخلوة ونحوها مما يأتي ذكره مقامه أم لا؟
الأشهر الأظهر الثاني، وذهب جمع من المتقدمين إلى أن الخلوة توجب المهر ظاهرا حيث لا يثبت شرعا عدم الدخول، وأما باطنا فلا يستقر المهر جميعه إلا بالدخول، وأطلق الصدوق وجوبه بمجرد الخلوة وأضاف ابن الجنيد إلى الجماع إنزال الماء بغير إيلاج ولمس العورة والنظر إليها والقبلة متلذذا بذلك، وإن لم يكن قد دخل ولا بأس بنقل جملة من عباراتهم فنقول:
قال الشيخ في النهاية: ومتى خلا الرجل بامرأته وأرخى الستر ثم طلقها