أقول: والقول بجواز الامتناع منقول عن الشيخ في النهاية، حيث أطلق جواز امتناعها حتى تقبض المهر الشامل لمحل النزاع، أما بخصوص المسألة فلا نعلم به قائلا، ولا ذكره أحد ممن نعرض لنقل الأقوال على ما صرح به في المسالك، وإنما ذكره من ذكره وجها في المسألة واحتمالا.
ثم أقول: وعلى ما اخترناه وحققناه فلا وجه للوجه الأول، إذا لواجب عليها بذل الطاعة وعدم جواز الامتناع سواء كان المهر حالا أو مؤجلا كما عرفت.
الرابع: الصورة الأولى، إلا أنه قد دخل بها،، والمهشور أنه ليس لها الامتناع بعد ذلك، وبه صرح الشيخ في الخلاف والمرتضى وأبو الصلاح، واختار المحقق وجملة من المتأخرين، وقال في المسالك: وهو الأقوى عملا بمقتضى القواعد السابقة، فإن المهر قد استقر بالوطئ، وقد حصل تسليمها نفسها برضاها، ومتى سلم أحد المتعاوضين الذي قبله باختياره لم يكن له بعد ذلك حبسه، وقيل بجواز الامتناع لها وهو خيرة الشيخ في النهاية والمبسوط والشيخ المفيد والقاضي ابن البراج، وفرق ابن حمزة بين تسليم نفسها اختيار، فحكم بسقوط حقها من الامتناع، وإكراها، فجوز لها الامتناع لأنه بسبب الاكراه قبض فاسدا فلا يترتب عليه أثر القبض الصحيح، ولأصالة بقاء الحق الثابت إلى أن يثبت المزيل.
أقول: وهذا التفصيل مبني على ما ذكره في المسالك: من أنه هل يشترط في القبض وقوعه طوعا، أم يكتفي به مطلقا؟ وجهان، من حصول العرض وانتفاء الضمان به كيف اتفق، ومن تحريم القبض بدون الإذن، فلا يترتب عليه أثر الصحيح، قال: والحق أن بعض أحكام القبض متحققة كاستقرار المهر بالوطئ كغيرها، وبعضها غير متحقق قطعا كالنفقة، ويبقى التردد في موضع النزاع حيث بدخل بها كرها هل لها الامتناع بعده من الاقباض حتى تقبض المهر أم لا؟ إنتهى.
وأنت خبير بأنه علما حققه فإن الحكم بقي في قالب الاشتباه ثم لا يخفى