للأصول أنها إن رضيت به مهرا لم يكن لها غيره، وإلا فلها مع الدخول مهر المثل ويحسب ما وصل إليها منه إذا لم يكن على وجه التبرع، إنتهى.
أقول: ينبغي أن تحمل الأخبار المذكورة على الرضاء به عن المهر ليحسم مادة الاشكال.
وإنما يبقى الكلام في رواية المفضل، ولعلها لقصورها سندا وعددا لا يعارض بها الأخبار المذكورة سيما مع ما اشتملت عليه مما ظاهر الأصحاب على خلافه من عدم جواز الزيادة على مهر السنة كما تقدم الكلام فيه، فيجب إرجاعها إلى قائلها، ولا يبعد حملها على التقية أيضا، واحتمل العلامة في المختلف هنا وجها آخر، وهو أن العادة كانت في الزمان السابق أن لا يدخل بالمرأة حتى يقدم المهر، والأخبار المذكورة إنما خرجت بهذا التقريب، قال: بقي هنا شئ، وهو أن تقول: قد كان في الزمن الأول لا يدخل الرجل حتى يقدم المهر، والعادة الآن بخلاف ذلك، فلعل منشأ الحكم العادة فنقول: إن كانت العادة في بعض الأزمان أو الأصقاع كالعادة القد يمه كان الحكم ما تقدم وإن كانت العادة كالعادة الآن كان القول قولها إنتهى.
ومنه يظهر حمل الأخبار المذكور على ما جرت به العادة يومئذ من التقديم قبل الدخول، فيكون القول قول الزوج عملا بمقتضى العداة، وظاهر شيخنا الشهيد الثاني رحمة الله عليه في المسالك التوقف في المسألة حيث اقتصر على نقل الخلاف في المسألة ونقل بعض الروايات المتعلقة بها ولم يرجح شيئا في البين، وسبطه السيد السند قد اختار القول المشهور وأشار إلى بعض ما في أدلة خلافه من القصور، والمعتمد هو القول المشهور، والله العالم.
تنبيه قد عرفت مما تقدم أن المشهور بين الأصحاب أنه لو لم يسم لها مهرا وقد لها شيئا قبل الدخول كان ذلك مهرها، وأن ابن إدريس قد ادعى عليه الاجماع، ولم نقف له على دليل من الأخبار، والشيخ قد حمل رواية الفضيل المتقدمة