أعر ضوا عن العمل بتلك الأخبار، ولمعارضتها بما هو أكثر عددا وأقوى سندا كما نقدم تحقيقه في الموضع المذكور، مع أن هذه الرواية لا تنطبق على القول المذكور، لأن موردها المحدودة في الزنا لا مطلق الزانية، والرواية إنما اشتملت على الثاني دون الأول، والمنقول عن صحاب القول المذكور إنما هو التعليل العقلي، وهو الأول، والاستدلال لهم بالرواية إنما وقع من العلامة في المختلف بناء على قاعدته من تكلف الأدلة لما ينقله من الأقوال.
قال شيخنا في المسالك ونعم ما قال: ومنها المحدودة في الزنا، ذهب أكثر قدماء الأصحاب إلى أنه يجوز للزوج فسخ نكاحها لأن ذلك من الأمور الفاحشة التي يكرهها الأزواج، ونفور النفوس منه أقوى من نحو العمى والعرج، ولزوم العار العظيم به يقتضي كون تحمله ضررا عظيما، وللرواية السابقة، وفيها مع قصور الدلالة عن جواز الرد، وعدم دلالتها على محل النزاع، ومن ثم ذهب المتأخرون إلى أن ذلك كله ليس بعيب يجوز الفسخ، والطلاق بيد الزوج لجبر ما يشاء من الضرر، والمشقة بتحملها والشيخ قول آخر بعدم الفسخ، لكن يرجع الزوج بالمهر على وليها العالم بحالها، عملا بمدلول الرواية، ورده في المختلف بأن الضمان إنما هو باعتبار تدليس العيب على الزوج، فإن كان عيبا أوجب الفسخ، وإلا لم يجب المهر. إنتهى وهو جيد وجيه.
وبالجملة فإنه لا دليل على ما نقله الشيخ المفيد ومن تبعه إلا هذا الوجه العقلي الاعتباري، فإن الروايات خاليه منه، وما نقل عن الصدوق رحمة الله عليه.
من مطلق الزنا، فقد تقدم الكلام فيه مشرحا في الموضع المشار إليه آنفا.
المطلب الثاني: في أحكام العيوب، وفيه مسائل:
الأولى: عيوب المرأة المبيحة للفسخ إما أن تكون متقدمة على العقد أو أو متجددة بعده وقبل الدخول أو متأخرة عن الدخول، والظاهر أنه لا خلاف ولا إشكال في الفسخ في المتقدم على العقد وعدم الفسخ في المتأخر عن الدخول