المسألة الثالثة: إذا أسلم الذمي على أكثر من أربع منكوحات بالعقد الدائم من الحرائر وأمتين وحرتين فارق ما زاد على العدد المذكور، ولو كان عبدا استدام حرتين أو حرة وأمتين وفارق ما زاد، واستدل عليه في المسالك (1) بأن النبي صلى الله عليه وآله قال لغيلان (أمسك أربعا وفارق سائرهن) حيث إنه أسلم وعنده ثمان نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وآله ذلك.
أقول: الظاهر أن الخبر المذكور من أخبار العامة فإني لم أقف عليه في كتب أخبار نا، والموجود فيها ما رواه في الكافي والتهذيب (2) عن عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام (في مجوسي أسلم وله سبع نسوة وأسلمن معه كيف يصنع؟ قال:
يمسك أربعا ويطلق ثلاثا " إلا أن مورد هذه الرواية خارج عما نحن فيه لكونها متضمنة لاسلامهن معه، ومحل البحث بقاء الزوجات على دينهن، نعم الرواية الأولى دالة بإطلاقها على ذلك، إلا أنك قد عرفت ما فيها، والظاهر أن قوله في الرواية المذكورة (يطلق) من الاطلاق من باب الأفعال، أو يحمل على التطليق اللغوي بمعنى التخلية والترك، فإن المعلوم من كلام الأصحاب أنه ينفسخ عقد الزائد على من يختاره من الأربع ولا يتوقف على طلاق، إلا أني لم أقف لهم على نص فيه، والخروج عن ظاهر الخبر بغير معارض مشكل.
وكيف كان فلا بد من تقييد هذا الحكم المذكور في صدر المسألة بقيود، منها تقييد الزوجات بكونهن كتابيات مثله ليصح استدامة نكاح العدد المعبر لما تقدم في الموضع الثاني من سابق هذه المسألة من أن الخلاف في نكاح المسلم الكتابية إنما هو في الابتداء دون الاستدامة، فإن الجواز فيها موضع وفاق، وحينئذ فيجب تخصيص الزوجات بالذميات، فلو كان كافرات غير ذميات فلا بد