و (ثانيهما) إذا لم يشترطا وأنه لا بد في هذا الصورة من المراجعة في إرادة التفريق كما دلت عليه الأخبار المذكورة وقضية ذلك الجواز مع الغيبة بالنسبة إلى الصلح خاصة دون التفريق.
هذا ما يظهر لي من الأخبار حسبما أدى إليه الفهم السقيم.
الحادي عشر: قد صرح جملة من الأصحاب بأنه لو منعها شيئا من حقوقها الواجبة كالنفقة و القسم مثلا، فبذلت له مالا للخلع لم يكن ذلك إكراها وإن كان محرما، وإنما ليمكن ذلك إكراها لأنه أمر منفك عن طلب الخلع ، فإنه قد يفعل ذلك مع إرادته المقام معها، وإنما منعها لحصره على المال، وقلة ديانته وضعف دينه أو ميله إلى ضرتها، وكذا لو بذلت له مالا للخلع، حيث إنه أغارها وتزوج عليها وهو أولى بعدم ترتب الاكراه عليه، فإن التزويج جائز بل مستحب.
وما ذكرنا من أصل الحكم المذكور صرح به الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرايع وغيرهما، والظاهر أنه المشهور، واختلف كلام العلامة في ذلك، ففي الإرشاد وافق الشيخ وأفتى بما ذكره، وفي التحرير نسب القول المذكور إلى الشيخ ساكتا عليه، وهو يؤذن بتردده فيه أو ضعفه عنده، وفي القواعد قيد حقوقها بالمستحبة، ومفهومه أنه لو منعها الحقوق الواجبة كان ذلك إكراها، وهذا القول نقله الشيخ في المبسوط أولا عن بعض العامة، ثم قال: الذي يقتضي مذهبنا أن هذا ليس بإكراه وهو المعتمد.
وكيف كان فإن مقتضى ما ذكره الشيخ ومن تبعه أنه لا يشترط في الكراهة الموجبة للخلع أن تكون ذاتية كما هو المعمول عليه في بلادنا البحرين، وحضرناه مع جملة من مشايخنا المعاصرين بل تكفي الكراهة العارضة بسبب ترك القسم أو النفقة ونحوهما، وسيأتي تحقيق الكلام في باب الخلع إن شاء الله تعالى.