وقد وقع لهم مثل هذا الخبط والخلط في مسألة غسل المخالفين كما تقدم في غسل الأموات من كتاب الطهارة، وكذا الصلاة على الأموات، حيث منعوا من الغسل والصلاة أو توقفوا مع حكمهم بالاسلام.
الرابع: روى الصدوق (1) عطر الله مرقده في الصحيح عن العلاء بن رزين (أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن جمهور الناس، فقال: هم اليوم أهل هدنة ترد ضالتهم وتؤدى أمانتهم ونجوز مناكحتهم وموارثتهم في هذا الحال.
وهذه الروية بحسب ظاهرها منافية لما قدمناه، والأظهر عندي حملها على التقية، وإلى ذلك أشار صاحب الوسائل أيضا حيث قال: باب جواز مناكحة الناصب عند الضرورة والتقية، ثم أ ورد الرواية المذكورة وأورد فيها برواية تزويج عمر أم كلثوم (2)، وظاهر السيد السند في شرح النافع حمل هذه الرواية على ما حمل عليه صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة من أن المراد بجواز مناكحتهم منها دلالة على هذا المعنى ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن العلا بن رزين..
ثم ساق الروية إلى آخرها، وهو بعيد بل الأظهر إنما هو الحمل على التقية، ويؤيده ما رواه الشيخ (3) عن محمد بن علي الحلبي (قال: استودعني رجل من بني مروان ألف دينار، فغاب فلم أدر ما أصنع بالدنانير، فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فذكرت لك له، وقلت: أنت أحق بها، فقال: لا إن أبي عليه السلام كأن يقول: نحن فيهم بمنزلة هدنة نؤدي أمانتهم ونرد ضالتهم ونقيم الشهادة لهم وعليهم، فإذا تفرق الأهواء لم يسمع أحد المقام)