حالا والزوج موسرا، وإنما الخلاف فيما إذا كان معسرا وكذا الخلاف لو كانت المطالبة بعد الدخول، والكلام في هذا المقام يقع في مواضع:
الأول: فما إذا سمى لها مهرا وكان موسرا ولم يدخل بها والمهر حال، والمشهور بل ادعي عليه الاجماع هو جواز الامتناع لها، ولا أعرف لهم دليلا غير ما يدعونه من الاجماع، وأن النكاح من قبيل المعاوضات التي قد تقرر فيها أن لكل من المتعاوضين الامتناع من تسليم ما في يده من العوض حتى يتسلم الآخر.
قال شيخنا الشهيد في المسالك بعد الكلام في المسألة وذكر مقدمات مهدها قبل الكلام في المسألة ما صورته: وخلاصة القول فيها أن الزوجة إن كانت كاملة صالحة للاستمتاع ولم يكن قد دخل بها الزوج والمهر حال وهو موسر، فلها الامتناع من التمكين حتى تقبض مهرها بتمامه اتفاقا، ولا بمعنى وجوب ابتداء الزوج بتسليم المهر أولا، بل إما كذلك، أو بتقابضهما معا، بأن يؤمر الزوج بوضع الصداق في يد من يتفقان عليه أو يد عدل وتؤمر بالتمكين، فإذا مكنت سلم العدل الصداق إليها، وهذا في الحقيقة في معنى إقباض المهر أولا، إلا أن ما يخافه الزوج من فواته بوصوله إليها يستدرك بوضعه على يد العدل فيصير في معنى التقابض معا، حيث إن القابض نائب عنها، وإنما اعتبر ذلك لما تقرر في المقدمة الأولى أن في النكاح معنى المعاوضة، وفي الثانية أن لكل من المتعاوضين الامتناع من الاقباض حتى يقبض الآخر وطريق الجمع ما ذكر، وفي المسألة وجهان آخران:
أحدهما: أنه يجبر الزوج على تسليم الصداق أولا، فإذا سلم سلمت نفسها، والفرق بينهما أن فائت المال يستدرك وفائت البضع لا يستدرك.
والثاني: لا يجبر واحد مهما، لكن إذا بادر أحدهما إلى التسليم أجبر الآخر على تسليم ما عنده، وأصحهما الأول لما فيه من الجمع بين الحقين، وبه