شيخه المحقق الأردبيلي عطر الله مرقديهما في المقام لا يخلو من قرب تام لما ذكرناه من أن مقتضى العقد انتقال البضع إلى الزوج، وانتقال حق المهر في الصورة المفروضة إلى الزوجة، وأنه لا دليل على توقف دفع أحدهما على الآخر إلا ما يدعى من الاجماع، وقد عرفت ما فيه في غير موضع مما تقدم، ولا سيما في بحث صلاة الجمعة من كتب العبادات، وما يدعونه من أن النكاح من المعاوضات، وفيه ما عرفت أيضا ما عدم الدليل على الامتناع في المعاوضات، ومع تسليم الدليل في المعاوضات، فحمل النكاح عليها قياس لا يناسب أصول المذهب سيما مع اعترافهم بأنه ليس من المعاوضات الحقيقية كما تقدم ذكره، وإنما له شبه بها في بعض الموارد، ومجرد المشابهة لا يقتضي أن يكون من كل وجه، وللأدلة الدالة على وجوب قيامها بحقوق الزوجية الواجبة عليها، ووجوب إطاعته متى أرادها، خرج من ذلك ما قام الدليل على خروجه، وبقي الباقي وهذا منه، حيث إنه لم يقم هنا دليل شرعي على العذر لها في الامتناع.
الثالث: الصورة الأولى وأن يكن المهر مؤجلا، معسرا كان الزوج أو مؤسرا، وقد قطع الأصحاب بأنه ليس لها الامتناع، إذ لا يجب لها عليه شئ فيبقى وجوب حقه عليها بلا معارض، فيجب الوفاء بالعقد الواقع عن رضاها به، والحكم هنا لا إشكال فيه، وإنما الكلام فيما لو مضت المدة ولم يدخل بها لمانع من جهته كمرض أو غيبته أو نحوهما، أو مانع من جهتها شرعي كالحج والمرض المانع من جميع أنواع الاستمتاع، أو غير شرعي كما لو منعت نفسها عصيانا وأقدمت على فعل الحرام حتى انقضت المدة، قالوا: في جواز امتناعها إلى أن تقبضه تنزيلا له منزلة الحال ابتداء، وعدمه نظرا إلى استصحاب وجوب التمكين الثابت قبل الحلول وجها ن: استجود السيد في شرح النافع الثاني، وجعل الأقوى في شرح المسالك، ونقله عن الشيخ في المبسوط قال: وتبعه عليه الأكثر.