الفصل الثالث في نكاح المتعة ويعبر عنها أيضا بالنكاح المنقطع لتحديده بأجل معين، وقد أجمع علماء الفريقين كافة على أن نكاح المتعة كان مشروعا في صدر الاسلام، وفعله الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وزمن أبي بكر وبرهة من زمن عمر، ثم نهى عنها وتوعد من فعلها، ووافقه بعض، وخالفه بعض، وسكت آخرون، وأجمع أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم على بقاء شرعيتها وأنه لم ينسخ حكمها، ووافقهم على ذلك جماعة من الصحابة والتابعين.
والأخبار الواردة بها عن أهل البيت عليهم السلام قد بلغت حد التواتر المعنوي، ومن أخبار هم الدالة على إباحتها ما رواه الحميدي (1) في الجمع بين الصحيحين في مسند عبد الله بن عباس (قال: قال أبو نضرة: كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها، قال: فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال: على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما قام عمر قال: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء، إن القرآن قد نزل منازلة، فأتموا الحج والعمرة كما أمر كم الله، وأبتوا نكاح هذه النساء فلن أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة) وروى الحميدي (2) أيضا في كتابه في مسند جابر بن عبد الله من طريق آخر (قال: كنا نتمتع بالقبضة من التمر والدقيق، الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي بكر حتى نهى عنها عمر في شأن عمر بن حريث)