الثانية: لو أقر بالمهر وادعى تسليمه، وأنكر المرأة، فمقتضى القواعد الشرعية أن القول قولها بيمينها، وبه صرح الأصحاب أيضا لثبوته في ذمته باعترافه وأصالة بقائه وعدم تسلميه حتى يثبت ذلك بوجه شرعي وأما ما ورد في رواية الحسن بن زياد (1) عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا دخل الرجل بامرأته ثم ادعت المهر، وقال الزوج: قد أعطيتك، فعليها البينة، وعليه اليمين) فهي غير معمول عليها عند أصحابنا سيما مع ما في متنها من المخالفة للأصول، فإن المهر إذا تعين في ذمة الزوج فهو المدعي للايفاء، هي المنكرة، فتكون البينة عليه لا عليها، وأما ما ورد في معنى هذه الرواية من الأخبار التي دلت على سقوط المهر كلا أو بعضا بالدخول فقد تقدم الكلام فيها وأنه لا عامل بها منا، لمعارضتها بالأخبار الراجحة بعمل الأصحاب وموافقة الضوابط الشرعية، تقدم ذلك في المسألة الأولى من سابق هذا البحث، وعمل بمضمونها ابن الجنيد، فقال بتقديم قول الرجل في البراءة من المهر بعد الدخول، وقولها في ثبوتها قبله.
قال في المسالك بعد نقل ذلك عنه: والمذهب هو الأول، وأنه لا فرق بين وقوع الدعوى قبل الدخول وبعده.
أقول: لا يبعد حمل الأخبار المشار إليها على التقية كما تقدمت الإشارة إلى الثالثة: لو اختلفا في المدفوع بعد أو كان قدر مهرها فقالت: دفعته هبة، فقال: بل صداقا، فظاهر جملة من الأصحاب كالمحقق في الشريع أن القول قوله لأن أبصر بنيته، وفصل شيخنا في المسالك في ذلك فقال: إن كان دعواها عليه أنه نوى بالدفع الهبة من غير أن يتلفظ بما يدل عليه فالقول قوله بغير يمين، لأنه لو اعترف لها بما تدعيه لم يتحقق الهبة إلا بانضمام لفظ يدل عليها، فلا يفتقر إلى اليمين، وإن ادعت تلفظه بما يدل على الهبة فالقول قوله مع اليمين، لأصالة