وبهذا المضمون أخبار عديدة، والتقريب فيها إن غير المؤمن لا يرضى دينه، والخلق في هذه الرواية وغيرها بمعنى الدين كما صرح به أهل اللغة، لأنه وإن كان لغة بمعنى السجية والطبيعة أيضا فهو مستعمل في المعنيين.
قال في القاموس (1): والخلق بالضم وبضمتين: السجية والطبيعة والمروة والدين، وقال في كتاب مجمع البحرين (2): إن هذا إلا خلق الأولين بسكون اللام يريد مذهبهم إلى أن قال: والخلق بالضم السجية لأنه لا قائل هنا باشتراط حسن الخلق والطبع في صحة النكاح، ولا ورد بذلك نص، فيتعين حمله على المعنى الثاني، وحينئذ فيكون من قبيل عطف المرادف.
وبذلك يظهر لك أن ما طعن به في المسالك على هذه الروايات من أن ذكر الخلق هنا وإضافته إلى الدين مع أن الخلق غير معتبر في الكفاءة إجماعا قرينة على أن اشتراط كل من الأمرين إنما قصد به الكمال، والأمر بتزويج من هو كذلك لكماله، فلا يلزم منه تحريم تزويج غيره، فإن فيه إنه إنما يتم ما ذكره لو انحصر معنى الخلق في السجية والطبيعة، وأما إذا كان بمعنى الدين كما صرحوا به أيضا فالواجب حمل اللفظ على دون المعنى الآخر لتأيده بالروايات المتكاثرة الدالة على اشتراط الايمان، وأيضا فإن الفتنة والفساد الكبير إنما يترتب على ترك تزويج من اتصف بالمعنى الذي ذكرناه، لا بالمعنى الذي ذهب، إليه ومنها ما رواه في الكافي والتهذيب (3) عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
تزوجوا في الشكاك، ولا تزوجوهم لأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه ".