ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عن منصور بن حازم (1) عن أبي عبد الله عليه السلام (قال:
أما أحد أجد أحدثه وإني لا حدث الرجل بالحديث، فيتحدث به فأوتي فأقول: إني لم أقله) فإن فيه إشعار بالشكاية من أصحابه في عدم كتمان ما يحدث عن غير أهله، وأنه إذا سئل بعد ذلك أنكر ما قاله أولا تقية، ولا يخفى أن الأمر هنا كذلك، فإن قوله عليه السلام بالتنصيف قد استفاض كما عرفت من هذه الأخبار التي ذكرناها على وجه لا يقبل الانكار، فإنكاره عليه السلام لذلك، وقوله (لا يحفظون عني) بعد إفتائه بوجوب الجميع إنما خرج مخرج التقية، وهو بحمد الله سبحانه واضح لكل ذي فكر وروية، حمل رواية التنصيف على الاستحباب كما زعمه الشيخ، بمعنى أنه يستحب للمرأة أخذ النصف خاصة أبعد بعيد لما عرفت من هذه الأخبار وتكاثرها في غير حكم من الأحكام مضافا إلى ما عرفته في غير موضع مما تقدم مما في الحمل على الاستحباب، وإن اتخذوه قاعدة كلية في جميع الأبواب.
وبالجملة فالظاهر عندي بالنظر إلى ما ذكرته من الأخبار هو القول بالتنصيف وحمل الأخبار المعارضة على التقية التي هي في اختلاف الأخبار أصل كل بلية، إلا أن لقائل أن يقول: إن مرجع ما اخترعوه إلى ترجيح أخبار التنصيف باعتبار مخالفتها للعامة وأخبار الجميع موافقة لهم عملا بالقاعدة المنصوصة من عرض الأخبار عهد الاختلاف على مذهب العامة والأخذ بخلافه، وهو جيد إلا أنه يمكن أن يقال أيضا إن من القواعد عرضها عند الاختلاف على الكتاب العزير والأخذ بما وافقه، وطرح ما خالفه، وأخبار الجميع موافقة له بقول عز وجل (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) (2) الشامل بإطلاقه لحال الحياة والموت، وأخبار التنصيف مخالفة له، فيجب طرحها بمقتضى هذه القاعدة.
ويمكن الجوب بأن الأمر وإن كان كذلك، إلا أنه هنا لا يمكن العمل