في كتاب مجمع البيان حيث قال: (فإن خفتم) أي خشيتم، وقيل، علمتم، والأول أصلح، لأنه لو علم الشقاق يقينا لما احتيج إلى الحكمين.
وإلى الثاني يميل كلام شيخنا الشهيد الثاني في المسالك، حيث حمل الآية أولا على المعنى الظاهر من اللفظ مع تقدير الاستمرار بمعنى أنه إن خشيتم استمرار الشقاق، لأن ظهور النشوز منها موجب لحصول الشقاق.
أقول: فالمراد حينئذ خوف استمراره، ثم قال: يجوز أن يراد من خشية الشقاق العلم به كما سلف، وهو أولى من إضمار الاستمرار، وكلام سبطه في شرح النافع يميل إلى الأول حيث قال: والظاهر أن المراد والله أعلم (إن خفتم استمرار الشقاق بينهما)) أو يقال: إن الشقاق إنما يتحقق مع تمام الكراهة بينهما، فيكون المراد أنه إذ حصلت كراهة كل منهما لصاحبه وخفتم حصول الشقاق بينهما (فابعثوا حكما)) وقيل: معنى خفتم علمتم.
أقول: الظاهر أن المراد من قول شيخنا الطبرسي (لأنه لو علم الشقاق يقينا لما احتيج إلى الحكمين) هو أن الغرض من بعث الحكمين هو الاصلاح بينهما باجتماع أو فرقة، ومتى كان الشقاق معلوما علم أنه لا يمكن الاصلاح بالاجتماع، فموضع إرسالهما إنما هو في مقام يرجو فيه الاجتماع بأن يظهر الكراهة من كل منهما لصاحبه في الجملة إلا أنه يرجى الاجتماع حينئذ، وهو يرجع إلى المعنى الثاني الذي ذكره في شرح النافع، والظاهر قربه.
الثاني: اختلف المفسرون والفقهاء في المخاطب في الآية بإنفاذ الحكمين هل هو الحاكم الشرعي؟ أو الزوجان؟ أو أهل الزوجين؟ على أقوال، وبالأول قطع المحقق في الشرايع والعلامة في القواعد، ونسبه في المسالك إلى الأكثر، قال: وجعلوا ضمير فابعثوا في الآية راجعا إلى الحكام.
والثاني اختيار ابن بابويه في الفقيه والمقنع وأبيه في الرسالة والمحقق في الشرايع، إلا أنه في النافع قال: إذا امتنعا بعثهما الحاكم.