لهم بالفسخ لا يجوز غير هذا البتة انتهى (ومن متمسكاتهم) ما في لفظ لمسلم من حديث عائشة أنها قالت: فأما من أهل بعمرة فحل، وأما من أهل بحج أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحل حتى كان يوم النحر وأجيب بأن هذا من حديث أبي الأسود عن عروة عنها وقد أنكره عليه الحفاظ. قال أحمد بن حنبل بعد أن ساقه: إيش في هذا الحديث من العجب؟ هذا خطأ، فقلت له: الزهري عن عروة عن عائشة بخلافه؟
قال: نعم وهشام بن عروة وقد أنكره ابن حزم، وأنكر حديث يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عائشة بنحوه عند مسلم وقال: لا خفاء في نكرة حديث أبي الأسود ووهنه وبطلانه، والعجب كيف جاز على من رواه؟ قال: وأسلم الوجوه للحديثين المذكورين عن عائشة أن تخرج روايتهما، على أن المراد بقولها: إن الذين أهلوا بحج أو بحج وعمرة لم يحلوا أنها عنت بذلك من كان معه الهدي، لأن الزهري قد خالفهما وهو أحفظ منهما، وكذلك خالفهما غيره ممن له مزيد اخصاص بعائشة، ثم إن حديثيهما موقوفان غير مسندين، لأنهما إنما ذكرا عنها فعل من فعل ما ذكرت، دون أن تذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم أن لا يحلوا، ولا حجة في أحد دون النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلو صح ما ذكراه، وقد صح أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من لا هدي معه بالفسخ فتمادى المأمورون بذلك ولم يحلوا لكانوا عصاة لله، وقد أعاذهم الله من ذلك وبرأهم منه، قال: فثبت يقينا أن حديث أبي الأسود ويحيى إنما عنى فيه من كان معه هدي، وهكذا جاءت الأحاديث الصحاح بأنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر من معه الهدي بأن يجمع حجا مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا. (ومن جملة) ما تمسك به المانعون من الفسخ أنه إذا اختلف الصحابة ومن بعدهم في جواز الفسخ الاحتياط يقتضي المنع منه صيانة للعبادة، وأجيب بأن الاحتياط إنما يشرع إذا لم تتبين السنة، فإذا ثبت فالاحتياط هو اتباعها وترك ما خالفها، فإن الاحتياط نوعان احتياط للخروج من خلاف العلماء، واحتياط للخروج من خلاف السنة، ولا يخفى رجحان الثاني على الأول. قال في الهدى: وأيضا فإن الاحتياط ممتنع، فإن للناس في الفسخ ثلاثة أقوال على ثلاثة أنواع. أحدها: أنه محرم. الثاني: أنه واجب وهو قول جماعة من السلف والخلف. الثالث: أنه مستحب، فليس الاحتياط بالخروج من خلاف من حرمه أولى بالاحتياط من الخروج من خلاف من أوجبه، وإذا تعذر الاحتياط