فيه: الحج والعمرة وسيأتي. والحق عدم وجوب العمرة، لأن البراءة الأصلية لا ينتقل عنها إلا بدليل يثبت به التكليف، ولا دليل يصلح لذلك، لا سيما مع اعتضادها بما تقدم من الأحاديث القاضية بعدم الوجوب. ويؤيد ذلك اقتصاره صلى الله عليه وآله وسلم على الحج في حديث بني الاسلام على خمس، واقتصار الله جل جلاله على الحج في قوله تعالى: * (ولله على الناس حج البيت) * (سورة آل عمران، الآية: 97) وقد استدل على الوجوب بحديث عمر الآتي قريبا، وسيأتي الجواب عنه. وأما قوله تعالى: * (وأتموا الحج والعمرة لله) * (سورة البقرة، الآية: 196) فلفظ التمام مشعر بأنه إنما يجب بعد الاحرام، لا قبله. ويدل على ذلك ما أخرجه الشيخان وأهل السنن وأحمد والشافعي وابن أبي شيبة عن يعلى بن أمية قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بالجعرانة عليه جبة وعليها خلوق فقال: كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ فأنزل الله تعالى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الآية. فهذا السبب في نزول الآية، والسائل قد كان أحرم وإنما سأل كيف يصنع؟
وعن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله هل على النساء من جهاد؟
قال: نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة رواه أحمد وابن ماجة واسناده صحيح الحديث فيه دليل على أن الجهاد غير واجب على النساء، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك، وفيه إشارة إلى وجوب العمرة وقد تقدم البحث عن ذلك.
وعن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله وبرسوله، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال:
ثم حج مبرور متفق عليه. وهو حجة لمن فضل نفل الحج على نفل الصدقة.
وعن عمر بن الخطاب قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء رجل فقال: يا محمد ما الاسلام؟ قال: الاسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء، وتصوم رمضان وذكر باقي الحديث وأنه قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم رواه الدارقطني وقال: هذا إسناد ثابت صحيح. ورواه أبو بكر الجوزقي في كتابه المخرج على الصحيحين. وعن أبي هريرة: أن رسول