وعن الربيع بن سبرة عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا كان بعسفان، قال له سراقة بن مالك المدلجي: يا رسول الله اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم، فقال: إن الله عز وجل قد أدخل عليكم في حجكم عمرة فإذا قدمتم فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل إلا من كان معه هدي رواه أبو داود. وعن البراء بن عازب قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه قال: فأحرمنا بالحج فلما قدمنا مكة قال: اجعلوا حجكم عمرة، قال: فقال الناس: يا رسول الله قد أحرمنا بالحج كيف نجعلها عمرة؟ قال:
انظروا ما آمركم به فافعلوا، فردوا عليه القول فغضب، ثم انطلق حتى دخل على عائشة وهو غضبان فرأت الغضب في وجهه فقالت: من أغضبك أغضبه الله؟ قال: وما لي لا أغضب وأنا آمر بالامر فلا أتبع رواه أحمد وابن ماجة.
الحديث الأول سكت عنه أبو داود ورجاله رجال الصحيح والمنذري، والحديث الثاني أخرجه أيضا أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح كما قال في مجمع الزوائد، وهو من الأحاديث في الفسخ التي صححها أحمد وابن القيم. قوله: بعسفان قرية بين مكة والمدينة على نحو مرحلتين من مكة، قال في الموطأ: بين مكة وعسفان أربع برد.
قوله: اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم أي أعلمنا علم قوم كأنما وجدوا الآن وفي رواية لأبي داود: كأنما وفدوا اليوم، أي كأنما وردوا عليك الآن. قوله: إلا من كان معه هدي يعني فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله. قوله: فغضب استدل به من قال بوجوب الفسخ، لأن الامر لو كان أمر ندب لكان المأمور مخيرا بين فعله وتركه، ولما كان يغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند مخالفته لأنه لا يغضب إلا لانتهاك حرمة من حرمات الدين لا لمجرد مخالفة ما أرشد إليه على جهة الندب، ولا سيما وقد قالوا له: قد أحرمنا بالحج كيف نجعلها عمرة؟ فقال لهم: انظروا ما آمركم به فافعلوا فإن ظاهر هذا أن ذلك أمر حتم، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو كان أمره ذلك لبيان الأفضل أو لقصد الترخيص لهم بين لهم بعد هذه المراجعة أن ما أمرتكم به هو الأفضل، أو قال لهم:
إني أردت الترخيص لكم والتخفيف عنكم.
وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحرث بن بلال عن أبيه: قال قلت:
يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ قال: بل لنا خاصة رواه الخمسة إلا الترمذي