حل لكم كل شئ إلا النساء، فقال رجل: والطيب؟ فقال ابن عباس: أما أنا فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضمخ رأسه بالمسك أفطيب ذلك أم لا؟ رواه أحمد. وعن عائشة قالت: كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يحرم، ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك متفق عليه. وللنسائي: طيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت.
حديث ابن عباس أخرجه أيضا أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث الحسن العرني عنه، قال في البدر المنير: إسناده حسن كما قاله المنذري، إلا أن يحيى بن معين وغيره قالوا: يقال إن الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس (وفي الباب) عن عائشة غير حديث الباب عند أحمد وأبي داود والدارقطني والبيهقي مرفوعا بلفظ: إذا رميتم لجمرة فقد حل لكم الطيب والثياب وكل شئ إلا النساء وفي إسناده الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف، وعن أم سلمة عند أبي داود والحاكم والبيهقي بنحوه وفي إسناده محمد بن إسحاق ولكنه صرح بالتحديث. قوله: فقد حل لكم كل شئ إلا النساء استدلت به العترة والحنفية والشافعية على أنه يحل بالرمي لجمرة العقبة كل محظور من محظورات الاحرام إلا الوطئ للنساء فإنه لا يحل به بالاجماع، قال مالك: والطيب. وروي نحوه عن عمر وابن عمر وغيرهما. وقال الليث: إلا النساء والصيد، وأحاديث الباب ترد عليهم (وقد استدل) المانعون من الطيب بعد الرمي بما أخرجه الحاكم عن ابن الزبير أنه قال: إذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شئ حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور البيت، وقال: إن ذلك من سنة الحج. وبما أخرجه النسائي عن ابن عمر أنه قال: إذا رمى وحلق حل له كل شئ إلا النساء والطيب. ولا يخفى أن هذين الأثرين لا يصلحان لمعارضة أحاديث الباب، وعلى فرض أن الأول منهما مرفوع فهو أيضا لا يعتد به بجنب الأحاديث المذكورة، ولا سيما وهي مثبتة لحل الطيب. قوله: أفطيب ذلك أم لا؟ هذا استفهام تقرير، لأن السامع لا بد أن يقول نعم، وقد ثبت أن المسك أطيب الطيب كما سلف. قوله: قبل أن يحرم قد تقدم الكلام على هذا مبسوطا. قوله: ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت أي لأجل إحلاله من إحرامه قبل أن يطوف طواف الإفاضة، وذلك بعد أن رمى جمرة العقبة كما وقع في الرواية الأخرى.